كل عدة أشهر، تظهر فكرة ودعوة بين المهاجرين الجدد لعمل مشروع جماعي لتوظيف المهاجرين الجدد وتقديم فرص هجرة لأخرين عن طريق تقديم عقود عمل لهم.
وتخطر الفكرة على صاحبها أثناء أول سنتين من وصوله لأستراليا (أو ربما قبل وصوله لأستراليا). ويكون الدافع الحقيقي للفكرة هو حل مشكلته الشخصية في الحصول على دخل ثابت يعينه على تكاليف الحياة الباهظة في استراليا. ويتحمس للفكرة عدد ممن هم في نفس ظروفه.
ثم يفاجئوا جميعا بعدد من العوائق والتحديات التي لم تخطر لهم على بال. وأهم هذه التحديات (من وجهة نظري) أنه لا يمكن لأي مشروع أن ينجح لمجرد توفر الحماس والمال. الإحصاءات في جميع أنحاء العالم تثبت أن عدد المشاريع التي تفشل أكثر بكثير جدا من عدد المشاريع التي تنجح.
يظن المهندسون والأطباء وغيرهم من الحاصلين على شهادات علمية أن خبرتهم العلمية كافية لإنجاح أي مشروع. والحقيقة أن متطلبات النجاح في التجارة تختلف تماما عن متطلبات النجاح في الوظيفة. ويظن من درسوا شهادات عليا في مجال التجارة كشهادة MBA أنهم قد عرفوا ما يحتاجون إليه من معرفة للنجاح في التجارة. والحقيقة أن الدراسة بدون خبرة عملية تودي إلى نتائج وخسائر فادحة.
إذا كنت تريد أن تنجح في مجال ما، فعليك اكتساب خبرة طويلة فيه. فمثلا إن كنت تريد أن تقوم بعمل مطعم، فلابد لك أن تعمل في مطعم، والقيام بأغلب الأدوار في تشغيله (تقديم الطعام، التنظيف، الطبخ، الحسابات، التسويق). ولابد أن يكون ذلك في أستراليا. وإن كنت تريد أن تقوم بتأسيس شركة استشارات هندسية، فلابد لك من العمل في وظائف مختلفة في شركة هندسية موجودة في أستراليا.
العمل الحر يحتاج لخبرة كما هو الحال في أي مجال أخر. ولك الاختيار في الحصول على هذه الخبرة، فإما أن تدفع أنت ثمن اكتساب هذه الخبرة من تجارب الفشل، أو أن تحصل على هذه الخبرة بالعمل مع من لديه الخبرة في المجال لفترة كافية وفي وظائف مختلفة، حتى تكتسب هذه الخبرة تحت إشراف خبير ودون الوقوع في تجارب خاسرة.
إن كنت تظن أن المال والذكاء يصنعان الثروة، فيؤسفني أن أخبرك أن ذلك غير صحيح.
